شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

أهلا و سهلاً بك زائرنا الكريم في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم
نحن في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم .. نفتش معا .. نبحث عن الحقيقة في جوف الأرض أو كبد السماء ..
المدير العام لشبكة منتديات عائلة أبو هاشم
فارس طه حسن أبو هاشم



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

أهلا و سهلاً بك زائرنا الكريم في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم
نحن في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم .. نفتش معا .. نبحث عن الحقيقة في جوف الأرض أو كبد السماء ..
المدير العام لشبكة منتديات عائلة أبو هاشم
فارس طه حسن أبو هاشم

شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

شبكة منتديات عائلة ابو هاشم العواودة ... منتديات تتضمن لكل ما يخص أمور و شؤون العائلة و للحوار الحر الملتزم في الفكر الإسلامي والحوار والأسرة والصحة وعلوم الكمبيوتر الحديثة والترفيه الملتزم

شبكة منتديات عائلة أبو هاشم ترحب بكم و تتمنى لكم قضاء وقت سعيد في منتدانا الغالي ... مع تحيات مدير الموقع...   فارس طه حسن ابوهاشم

تعلن شبكة منتديات عائلة أبوهاشم عن حاجتها لمشرفين و مراقبين للموقع على من تتوفر لديه الرغبه و القدرة مراسلة الادارة على الأيميل التالي :farestaha@hotmail.com

أبو هاشم  ربعي هلا السيف والنار ... من روس روس العرب والقبايل ... صغيرنا له مجلس بين الكبار ... كبيرنا متعب ظهور الاصايل

صفحتي الأولى

المــديـر العـــــــام
فارس طه حسن أبو هاشم

اختار لغة المنتدى

أختر لغة المنتدى من هنا

انت الزائر رقم



 روايه مواجع الشتات - الجزء 1 Counter

اشترك معنا ليصلك جديدنا

ادخل عنوانك البريدي (الايميل ) بالمربع ادناه ليصلك جديدنا ثم أضغط Subscribe

Delivered by FeedBurner

المواضيع الأخيرة

» كلام جميل
روايه مواجع الشتات - الجزء 1 I_icon_minitime2017-07-09, 06:40 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» عضو من عائلة أبو هاشم بمصر
روايه مواجع الشتات - الجزء 1 I_icon_minitime2017-07-08, 18:28 من طرف Hany

» مربعانية الشتاء
روايه مواجع الشتات - الجزء 1 I_icon_minitime2017-07-08, 08:59 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» ونذرت شعري للمسرى
روايه مواجع الشتات - الجزء 1 I_icon_minitime2017-07-08, 08:57 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» عايد أبو فردة يشهر كتابه «ديوان السامر الفلسطيني»
روايه مواجع الشتات - الجزء 1 I_icon_minitime2017-07-08, 08:54 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» "وادي الكلاب".. خربة لا ترى النور ---- قرية الصرة
روايه مواجع الشتات - الجزء 1 I_icon_minitime2017-07-08, 08:26 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» طموح مواطنو قرية الصرة في دورا - الخليل
روايه مواجع الشتات - الجزء 1 I_icon_minitime2017-07-08, 08:20 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» دعاء لشهر ذي الحجة 1437
روايه مواجع الشتات - الجزء 1 I_icon_minitime2016-09-03, 20:29 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» صورة وجهاء عائلة أبو هاشم
روايه مواجع الشتات - الجزء 1 I_icon_minitime2016-09-03, 19:53 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» اثناء العمل ... فارس طه ابو هاشم
روايه مواجع الشتات - الجزء 1 I_icon_minitime2016-09-03, 19:14 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 2267 مساهمة في هذا المنتدى في 1271 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 251 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو اسلام ابو هاشم فمرحباً به.

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 256 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 256 زائر

لا أحد


[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 385 بتاريخ 2024-10-29, 19:16

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 

    روايه مواجع الشتات - الجزء 1

    إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
    إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
    فـارس طــه حسـن أبو هاشــم
    المدير العام لشبكة منتـديات عائلـة أبو هاشـم و مؤسـس المنتـدى

    فـارس طــه حسـن أبو هاشــم المدير العام لشبكة منتـديات عائلـة أبو هاشـم و مؤسـس المنتـدى


    الابراج : القوس نقاط : 32074
    عدد المساهمات : 471
    تاريخ التسجيل : 14/09/2009
    العمر : 43
    الموقع : www.abuhashem.ahlamontada.net

    روايه مواجع الشتات - الجزء 1 Empty روايه مواجع الشتات - الجزء 1

    مُساهمة من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم 2010-07-11, 03:09

    عبد الكريم ناصيف
    مواجع الشتات
    (يا أنت يا خارطة الفتات
    يا أمة الشتات)
    رواية
    الفصل الأول
    ـ وجدتها!! قلعة الشقيف!! هتف باقر فرحاً وكأنه طفل وجد لعبته الضائعة.
    ـ مرحى!! أرخميدس!! هتف أبو الليل وقد جحظت عيناه قليلاً، ألم تجد أسهل منها هدفاً إسرائيلياً نضربه؟
    ـ ألا يقول المثل؟ علق شوقي هازاً رأسه، من كبّر الحجر ما ضرب، وباقر بارع دائماً في اختيار الحجر الكبير كيلا يضرب.
    ـ بل سأضرب. رد باقر بمزيج من حماسة وغضب.
    ـ أجل، ستضرب لكن رأسك بالحائط، قاطعه يسار وهو يقهقه قهقهة مجلجلة كتلك التي اعتاد سماعها منه معسكر الحاصباني. مائة وبضعة عشر فدائياً كانوا في المعسكر. إسرائيل تعرفه جيداً، هو لا يبعد كثيراً عن الشريط الحدودي الذي تحتله، وهي كثيراً ما تقصفه. آثار قصفها أكثر من آثار الجدري في وجه مجدور: هوى، خنادق، تشققات واسعة، أكوام تراب، حجارة... مع ذلك كان معسكر الحاصباني مقيماً لا يتزعزع. ملاجئه في باطن الأرض تنظر بعين السخرية إلى الطائرات الإسرائيلية وهي تشرق وتغرب مرسلة حجارتها التي من سجيل وكل ظنها أنها ستترك كعبة عبد المطلب خراباً يباباً، لكن كعبة عبد المطلب ظلت راسخة الأركان لا تخشى طير الأبابيل ولا تؤثر فيها الحجارة من سجيل، وينفض المعسكر ريشه إثر كل قصف مزيلاً عنه آثار الغبار والحجارة مستعيداً نشاطه وحياته، وكأن شيئاً لم يكن.
    الملاجئ كهوف في سفح التلة، تتغلغل عميقاً هنا وهناك، فلا تطولها قذيفة ولا صاروخ. حين دخلها يسار أول مرة صاح "ها نحن نعيد سيرة جدنا الأول"، "لكن جدك الأول كان يعيش على الأشجار، ينط من غصن إلى غصن" "علق شوقي ساخراً" ثم ضحك الجميع، وهم يلجون ملجأهم قططاً تتلمس طريقها في الظلمة... الظلمة وصلت إليها الكهرباء بعد ذلك.. والخلية الفدائية نفسها تبحث عن هدف للعدو تضربه.
    ـ لا، أنت مخطئ، عاد باقر مخاطباً صحبه وقد كفكف قهقهته تحت نظرات اللوم والتقريع، لن أضرب رأسي بالحائط، بل سأضرب رؤوس اليهود في قلعة الشقيف.
    ـ لكنها قلعة منيعة... تدخل شوقي، ابن لبنان، الخبير بأرض الجنوب وجغرافيته.. من المستحيل الوصول إليها يا عزيزي!!
    ـ قل من الصعب... لكن ليس من المستحيل، رد باقر وقد بدا أكثر حماسة وإصراراً.
    ـ لكن لماذا القلعة بالذات؟ تساءل نمر هذه المرة، وهو يكبر في رفيقه أفكاره الألمعية التي يفاجئهم بها من حين إلى حين وكأنها شهب السماء.
    ـ ها!! هذا سؤال ذكي. هتف باقر، لماذا!! تابع وهو شبه شارد.
    ـ أجل، انطق. هتف يسار نافد الصبر.
    ـ لأنك يا عبقري، يجب أن تضرب العدو حيث لا يتوقع وتأتيه من حيث لا يحتسب.
    ـ في هذا معك حق، صاح أبو الليل مغتبطاً "اظهر حيث لا يتوقعك العدو وحيث يتوقعك لا تظهر". هو ذا لب حرب العصابات، الخلية كلها تعرف ذلك المبدأ. منذ البدء لقنوهم إياه، هم الخمسة، وقد جاؤوا من كل واد عصا:
    شوقي من لبنان.. باقر من العراق، نمر من الأردن، أبو الليل من فلسطين ويسار من سوريا. مع ذلك هم متجانسون... متناغمون... وهم فرحون بذلك التناغم والانسجام. "الاستعمار فرقنا لكن فلسطين جمعتنا"، كان شوقي يردد وكان فرحاً أن يجد على أرض لبنان أبناء الوطن العربي الكبير، وقد جاؤوا يقاتلون من أجل قضية واحدة. "إن لم يكن للبنان فضل إلا أنه جمع العرب في جنوبه، فحسبه وكفى"!!
    كان لا يفتأ يقول وكان باقر يستمتع بما يقول، يستمتع بأن يراه تجسيداً حياً لفطرة إنسانية لم تشوهها أدران الحضارة.
    ـ لكن، أتعلم ما هي القلعة؟ عاد يسار إلى تساؤله شبه مستنكر.
    ـ هي جدار مصمت من أسمنت، ارتفاعه ألف متر! رد باقر وعيناه تلمعان ببريق التحدي.
    ـ مع ذلك تفكر بـ .. بدأ يسار ساخراً لكن سرعان ما قاطعه أبو الليل وهو ينظر نظرة خاصة إلى صاحبه.
    ـ ولم لا؟ إنه باقر خبير تسلق الجبال... فاسمعوه وأطيعوه.
    ـ أنت تسخر أبا الليل؟ رد باقر بنبرة التحدي ذاتها. ثلاث سنوات في جبال كردستان، أليست تجربة تستحق الاحترام؟
    ـ بالتأكيد. رد يسار ضاحكاً مقهقهاً، بعدئذٍ تابع. خاصة، أن أهم شخصية فيكم كانت بغلاً، وأطلق يسار من جديد قهقهة مفرقعة كحبات ذرة في مقلاة.
    باقر نفسه لم يستطع منع نفسه من الابتسام، فقد تذكر فصيل الرفاق، هناك في كردستان، حيث ذهبوا كي يحاربوا النظام الحاكم في العراق، يحرروا كردستان ثم يمضوا إلى بغداد ليطيحوا بحجاجها الذي لا يحول ولا يزول. في الجبال الوعرة هناك، لم يكن ثمة طرق، ولم تكن قطارات ولا سيارات. فعادوا، رب كما خلقتني. وسيلة نقلهم الوحيدة: البغل. بذيله تتعلق أرواحهم، بحوافره ترتبط مصائرهم، فكيف لا يكون الشخصية الأهم فيهم؟ أحدهم أطلق عليه لقب "المارشال"، وذهب ذلك مثلاً... الكل ينادونه باسم "المارشال"، والويل لمن يرفع صوتاً عليه أو سوطاً فهو أيضاً لديه وسائل زجر وردع.
    ذات مرة غضب من صاحبه فرفسه رفسة صرعته أرضاً ثم انحدر انحدار جلمود حطه السيل من عل، وصل إلى أقرب واد، سار إلى أن بلغ الحدود التركية، هناك صده الأتراك، فهتف به صاحبه وهو يستقبله متنفساً الصعداء: "الحمد لله! الأتراك لا يستقبلون لاجئين سياسيين مثلك، أيها المارشال"!! كان باقر قد روى لهم قصة "المارشال" أكثر من مرة وأكثر من مرة كانوا قد ضحكوا من مقاتلين، "مارشالهم" بغل.
    ـ المهم، تدخل نمر وكله رغبة في إعادة الاهتمام إلى خطة العمل، كيف تصل إلى القلعة يا رجل؟ ما تصورك؟
    ـ تصوري، رد باقر وهو يشير إلى خارطة للجنوب أفردوها أمامهم، نذهب حتى يسار أرنون، من هناك نتجه إلى النهر، ومن ضفته نتسلق السفح.
    ـ والسفح شديد الانحدار إلى درجة تنقلب معها بطناً لظهر إلى أن تدق عنقك، علق يسار هازئاً.
    ـ أو تقع في حقل ألغام تذهب فيه شذر مذر، علق شوقي وهو جاد كل الجد.
    ـ أو تظل تتسلق حتى مطلع الشمس لتجد نفسك في مصيدة الجنود الإسرائيليين وقد ألقوا فوقك الشباك، تابع نمر وقد بدا على سيماه شيء من خوف.
    ـ أتعلمون ما هي مشكلتنا، نحن العرب؟ فاجأهم باقر بسؤاله، ففتحوا أعينهم تعجباً كله فحيح: ماذا!! لم ينتظر باقر سماع الكلمة نفسها فقد رأى الفحيح في عيونهم، مشكلتنا هي أننا لا يسمع واحدنا الآخر، بل يسمع نفسه فقط، يحدث نفسه ويسمع نفسه، أما الآخر، أفكاره، آراؤه فسقط متاع لا يعنيه في شيء.
    ـ حسن!! هات أيها الآخر؟ كلنا آذان صاغية ولسوف نسمعك. عقب شوقي مطرقاً برأسه كأنما شعر بالذنب وقد أدرك صواب الفكرة.
    ـ أجل، هكذا!! اسمعوا وعوا!! بدأ باقر بصوت عال ثم أخفض نبرته. اليوم جاءني أحدهم بسر.
    ـ سر؟
    ـ ما الذي تقوله؟
    ـ أي سر؟
    جاءت التعليقات من الرفاق جميعاً في آن معاً، فتابع باقر بنبرة الهمس:
    ـ ثمة، أسفل الوادي مدخل للقلعة إذا عرفته صعدت إليها مباشرة، ودون أن تراك عين.
    ـ واليهود، ألا يعرفون ذلك المدخل؟ سأل شوقي باستغراب واستنكار.
    ـ لا، أهل المنطقة فقط هم الذين يعرفونه.
    ـ كيف؟ سأل هذه المرة نمر.
    ـ تحكي الحكايات أن القلعة، مذ بنيت قبل ألف عام، حفروا لها نفقاً يتصل بالنهر حتى إذا ما حوصرت نزل المحاصرون إلى الماء فجاؤوا به إلى قلعتهم. النفق واسع مدرج يمكن لاثنين أن يصعداه معاً. فقط هو مغلق من أعلى ومن أسفل. حدد ذلك الأسفل ثم أزح ما يغلقه تجد نفسك في قلب العدو. تصوروا نحن الخمسة في منتصف مهجع ينام فيه عشرون جندياً إسرائيلياً، نفتح رشاشاتنا: طررررر.. طرررررر.. نبيدهم جميعاً ثم نختفي في الممر من جديد. أليست فكرة عبقرية؟
    ـ عبقرية، لكن في عالم الجن والعفاريت. علق يسار وهو غير مصدق.
    ـ صحيح، باقر. أخشى أن تكون متأثراً بحكايات ألف ليلة وليلة، علق شوقي مازحاً.
    ـ بل هو على حق. تدخل أبو الليل بنبرة حاسمة، أنا نفسي سمعت شيئاً من هذا القبيل: ممر ودرج... مدخل ومخرج، لكن المشكلة كيف نهتدي إلى ذلك المدخل؟ أين نجده؟
    ـ نبحث عنه. بدأ باقر رده، لكن سرعان ما قاطعه يسار:
    ـ في الظلمة الحالكة أم على ضوء المشاعل؟ خارج مجال النظر أم تحت أنظار الإسرائيليين؟ ولم يستطع باقر الإجابة، فقد دوت فجأة صافرة إنذار.
    في اللحظة ذاتها حدث عجيج وضجيج. حركة واندفاعات. وبلمحة عين خلا الملجأ. بعضهم ذهب إلى رشاشات الم/ ط بعضهم الآخر إلى الملجأ الكبير، فيما ملأ دوي الطائرات الفضاء وأصم هدير الانفجارات الآذان، واشتعل الليل كله نيراناً وحرائق، فأبصرت النجوم من عليائها صخوراً تتمزق وتراباً يتطاير وأشلاء تتبعثر، بينها أشلاء شوقي وقد تماهت بأشلاء الفولاذ الممزق بين يديه.
    لم ينم المعسكر تلك الليلة ولم يعرف سكينة أو هدوءاً. كانوا يبحثون عن الأشلاء، وكان باقر يبحث. على ضوء النجوم، ضوء المشاعل كان يبحث، يريد جمع ما تبعثر. شوقي. الطيب... الجميل... صار إرباً، وعليه هو، أن يجمع تلك الإرب. يجمع الشلو للشلو، يضم ما جمع لما جمعه أبو الليل، نمر، يسار، ولا تدمع له عين. قلبه صار من حجر.. مقلتاه من حجر. يحزن على أبي الشوق حتى الموت لكنه لا يستطيع البكاء. يحمل أشلاءه بين يديه لكنه لا يستطيع البكاء، فالمصاب أشد هولاً من أن يقابله بالبكاء.
    في الصباح حملوا الأشلاء إلى بعلبك. هناك، استقبلتهم أعمدة القلعة بعيون دامعات، حجارة القلعة بالولولات. وبدا صرح التاريخ وكأنه يلعن التاريخ، وهو يسجل انتصار الباطل على الحق دون أن يرف للناس جفن وقد تحولوا كلهم إلى شهود زور.
    بيده أنزل باقر الأشلاء إلى اللحد. "آه، أبا الشوق ها أنت تلقى الموت!! أنت الذي كنت تتعجل لقياه!! كل دورية إسرائيلية تريد الانقضاض عليها!! كل طائرة تتهيأ للتصدي لها، كل مصفحة تريد أن تكون لغماً ينفجر بها وكنا نكبحك، أتذكر أبا الشوق؟ كم كنا نكبحك!! لكن ها قد جاءت اللحظة التي لم نستطع فيها أن نكبحك، فارقد في لحدك!! انعم بالهدوء والسكينة!! لكن نحن، أنى لنا الهدوء والسكينة يا أبا الشوق!! كيف لباقر أن يهدأ وقد لملم أشلاءك الممزقة بنفسه؟ رأى بعينه دمك أحمر قانياً يسيل على الصخور.. ينسكب نحو الوادي.. يسيل مع الليطاني... ربما حتى مصبه في البحر!! لا، لا هدوء ولا سكينة حتى أنتقم لك أبا الشوق!! ولسوف أنتقم!!"
    بعد خمسة أيام عاد إلى المعسكر ونصب عينيه هدف واحد: الانتقام. بكاء النساء وهن يودعن الجنازة، وجوه الرجال المدلهمة وهي تأتي للعزاء طوال أيام المأتم، أشلاء الشهيد وقد تحولت إلى كابوس لا يفارقه، كلها كانت تصب الزيت على نار واحدة وهي نار الانتقام.
    ـ يجب أن نثأر لأبي الشوق، بادر باقر قائد المعسكر وقد التقاه في الطريق.
    ـ أجل، يجب أن نثأر له. لكن ربما ليس الآن. رد قائد المعسكر ذو اللحية السوداء وهو يمسكه من ذراعه ماضياً به إلى غرفة القيادة.
    ـ ليس الآن!؟ لماذا وقلعة الشقيف هنا، على مرمى حجر؟
    ـ أعلم... أعلم. قاطعه ذو اللحية السوداء وهو يربت كتفه، والسر الذي اطلعت عليه أعلم به، لكن أقول لك ليس الآن. الأوامر هكذا. لا عمليات بعد اليوم.
    ـ ماذا؟
    ـ لم يبلغك الخبر إذن!!؟ كنت في المأتم حين جاءت الأوامر.
    ـ يوقفون العمل الفدائي؟ كيف؟ لماذا؟ بعينين جاحظتين وشفتين مفتوحتين سأل باقر.
    ـ ربما هو الوضع الجديد في لبنان، أنت تعلم، اتفاق الطائف والمصالحة الوطنية، الأمن والاستقرار، اتقاء إسرائيل ومبدأ "ابعد عن الشر وغن له".
    ـ لكن هذا كله لا يبرر إيقاف الكفاح المسلح: تحرير الجنوب وطرد الصهاينة.
    ـ هم يقولون إن للجنوب من يحرره، أما نحن فما شأننا؟ رد ذو اللحية السوداء والمرارة تقطر من كل حرف يخرج من شفتيه.
    ـ آ!! الآن فهمت. المقصود إذن المنظمات الـ... ولم يكمل باقر، لكأن غصة وقفت في حلقه فحالت بين الصدر واللسان. لم يستطع تلفظ الكلمة الأخيرة. رغم أن الكل كان يعرفها، بل منذ اجتاح أرييل شارون الجنوب وغاص عميقاً حتى بيروت ملتهماً في طريقه الأخضر واليابس، بات الكل يعلمون أنها المعركة الأخيرة للمنظمات الفلسطينية في لبنان. فكما أخرجت من عمان، كان عليها أن تخرج من لبنان. ناور بعضها وداور، راوغ وتستر، مع ذلك، راحت تخرج واحدة إثر الأخرى من صور الجنوب حتى طرابلس الشمال. وحده كان الشريط الشرقي ما يزال في منأى: عكار، الهرمل، البقاع، كانت ما تزال تفتح أذرعها لبعض تلك المنظمات تقيم معسكرات وتدرب، وتشتبك وتقاتل فهل جاء دورها اليوم؟ وإن جاء دورها أيغلقون القواعد الفدائية؟ وإن لم يغلقوها ماذا يفعل الفدائيون؟ أيقعدون بانتظار غودو؟ الأسئلة لا تدور في ذهن باقر وحسب بل على شفتيه أيضاً، لكن هل كان ذو اللحية السوداء يملك الجواب؟
    ـ لا أدري.. هي أوامر وحسب، وما علينا إلا الطاعة. كان جوابه فانسكب برميل من بارد الماء على نار باقر لتتصاعد من شفتيه آهات رماد وحزم دخان، سرعان ما جعلته يغادر ذا اللحية السوداء وقد تحول إلى هزات رأس وإطلاق زفرات.
    ـ لكن ماذا نفعل؟ هؤلاء المقاتلون كلهم ماذا يفعلون؟ سأل الرفاق ما إن دخل الكهف ـ الملجأ.
    ـ يريدوننا أن ننتظر حتى التفسخ، أجاب أبو الليل وقد بلغه الأمر من قبل، يريدوننا أن نموت كمداً لمداً، فئراناً محاصرة في جحور.
    وأطبق صمت ثقيل على الكهف ـ الملجأ. أبو الليل وضع النقاط على الحروف. باقر أحس بذلك. مذ رأى قائد المعسكر وسمع التعليمات الجديدة أحس أن ذلك هو المقصود، ثم لمسه لمس اليد وهو يعود إلى خليته الغارقة في لباس الحداد، الحزينة على الرفيق الذي قتل... على الأوامر الجديدة القاصمة للظهر.
    ـ حقاً.. ما العمل؟ ردد نمر السؤال تقطر سيماه اكتئاباً ويأساً.
    ـ لا أدري.. تمتم باقر وكأنما يخاطب نفسه. لكن أنا شخصياً لا أستطيع أن أقعد هكذا مكتوف اليدين... حداداً بلا فحم.
    ـ ما لك غير أن تعود إلى العراق، تدخل يسار بشيء من خبث.
    ـ ماذا؟ تريد إلقائي لأنياب الوحش؟
    ـ أي وحش؟ رد يسار.. هناك في كردستان، يمكنكم أن تقاتلوا، أم تخليتم عن الكفاح المسلح وتحرير العراق؟
    ـ تخلينا؟ لا، لا، لا بد من تحرير العراق، لا بد من إسقاط صدام.
    ـ إذن، اذهبوا إلى هناك، قاتلوا... أم تظنون أن النظام يسقط من تلقاء نفسه، ورقة في خريف؟
    ـ بالعكس، الآن، النظام يعتقد أنه انتصر على إيران، تدخل نمر بنوع من المشاركة، صدام يظن أنه أقوى من أي وقت مضى.
    ـ خسئ المغرور الطاغية!! بل هو على شفا السقوط ونحن الذين سنسقطه، صاح باقر بحماسة مفاجئة.
    ـ كيف؟ بالمراسلة؟ سخر يسار من جديد. عد إلى العراق. واجه النظام من داخل، ثم تكلم عن إسقاط صدام.
    ـ أعود إلى العراق!! أجننت يا رجل؟ أعود إلى الجحيم؟ إلى الموت؟ لا، قسماً لن أعود إلى العراق إلا بسقوط صدام، وأراهن أنه وشيك.
    وانفجرت ضحكة ساخرة بدت نشازاً على جو الحداد كله. كان يسار يضحك ملوحاً برأسه. لكن على غير توقع، تدخل أبو الليل وهو يتوجه إلى باقر:
    ـ هذه المرة أنا أؤيدك باقر!!
    ـ ماذا؟ تساءل نمر باستغراب. أبا الليل... ما الذي تقوله؟
    ـ أقول ثمة جيشان بركان تحت الأرض، وربما ينفجر ذلك البركان في أية لحظة، مكتسحاً في طريقه لا صداماً فحسب بل العراق كله.
    ـ لا، أبا الليل!! احتج يسار وقد عصي عليه الفهم. أنت تتكلم بالمعميات.
    ـ ربما هي معميات الآن، هيولى لم تتبلور بعد. لكن أؤكد لكم: ثمة أزمة خطيرة.

      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-11-25, 05:01