شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

أهلا و سهلاً بك زائرنا الكريم في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم
نحن في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم .. نفتش معا .. نبحث عن الحقيقة في جوف الأرض أو كبد السماء ..
المدير العام لشبكة منتديات عائلة أبو هاشم
فارس طه حسن أبو هاشم



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

أهلا و سهلاً بك زائرنا الكريم في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم
نحن في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم .. نفتش معا .. نبحث عن الحقيقة في جوف الأرض أو كبد السماء ..
المدير العام لشبكة منتديات عائلة أبو هاشم
فارس طه حسن أبو هاشم

شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

شبكة منتديات عائلة ابو هاشم العواودة ... منتديات تتضمن لكل ما يخص أمور و شؤون العائلة و للحوار الحر الملتزم في الفكر الإسلامي والحوار والأسرة والصحة وعلوم الكمبيوتر الحديثة والترفيه الملتزم

شبكة منتديات عائلة أبو هاشم ترحب بكم و تتمنى لكم قضاء وقت سعيد في منتدانا الغالي ... مع تحيات مدير الموقع...   فارس طه حسن ابوهاشم

تعلن شبكة منتديات عائلة أبوهاشم عن حاجتها لمشرفين و مراقبين للموقع على من تتوفر لديه الرغبه و القدرة مراسلة الادارة على الأيميل التالي :farestaha@hotmail.com

أبو هاشم  ربعي هلا السيف والنار ... من روس روس العرب والقبايل ... صغيرنا له مجلس بين الكبار ... كبيرنا متعب ظهور الاصايل

صفحتي الأولى

المــديـر العـــــــام
فارس طه حسن أبو هاشم

اختار لغة المنتدى

أختر لغة المنتدى من هنا

انت الزائر رقم



 روايه مواجع الشتات - الجزء 4 Counter

اشترك معنا ليصلك جديدنا

ادخل عنوانك البريدي (الايميل ) بالمربع ادناه ليصلك جديدنا ثم أضغط Subscribe

Delivered by FeedBurner

المواضيع الأخيرة

» كلام جميل
روايه مواجع الشتات - الجزء 4 I_icon_minitime2017-07-09, 06:40 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» عضو من عائلة أبو هاشم بمصر
روايه مواجع الشتات - الجزء 4 I_icon_minitime2017-07-08, 18:28 من طرف Hany

» مربعانية الشتاء
روايه مواجع الشتات - الجزء 4 I_icon_minitime2017-07-08, 08:59 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» ونذرت شعري للمسرى
روايه مواجع الشتات - الجزء 4 I_icon_minitime2017-07-08, 08:57 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» عايد أبو فردة يشهر كتابه «ديوان السامر الفلسطيني»
روايه مواجع الشتات - الجزء 4 I_icon_minitime2017-07-08, 08:54 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» "وادي الكلاب".. خربة لا ترى النور ---- قرية الصرة
روايه مواجع الشتات - الجزء 4 I_icon_minitime2017-07-08, 08:26 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» طموح مواطنو قرية الصرة في دورا - الخليل
روايه مواجع الشتات - الجزء 4 I_icon_minitime2017-07-08, 08:20 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» دعاء لشهر ذي الحجة 1437
روايه مواجع الشتات - الجزء 4 I_icon_minitime2016-09-03, 20:29 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» صورة وجهاء عائلة أبو هاشم
روايه مواجع الشتات - الجزء 4 I_icon_minitime2016-09-03, 19:53 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» اثناء العمل ... فارس طه ابو هاشم
روايه مواجع الشتات - الجزء 4 I_icon_minitime2016-09-03, 19:14 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 2267 مساهمة في هذا المنتدى في 1271 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 251 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو اسلام ابو هاشم فمرحباً به.

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر

لا أحد


[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 45 بتاريخ 2024-03-15, 11:08

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 

    روايه مواجع الشتات - الجزء 4

    إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
    إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
    فـارس طــه حسـن أبو هاشــم
    المدير العام لشبكة منتـديات عائلـة أبو هاشـم و مؤسـس المنتـدى

    فـارس طــه حسـن أبو هاشــم المدير العام لشبكة منتـديات عائلـة أبو هاشـم و مؤسـس المنتـدى


    الابراج : القوس نقاط : 31501
    عدد المساهمات : 471
    تاريخ التسجيل : 14/09/2009
    العمر : 43
    الموقع : www.abuhashem.ahlamontada.net

    روايه مواجع الشتات - الجزء 4 Empty روايه مواجع الشتات - الجزء 4

    مُساهمة من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم 2010-07-11, 03:13

    ـ هه، متعشٍ أم تريد أن تتعشى؟ سأله همام بعد أن تفحصه ملياً.
    ـ أكان حاتم الطائي يسأل ضيفه سؤالاً كهذا؟ رد باقر ضاحكاً.
    ـ إذن اسمح لي أن أذهب فأذبح لك فرسي، قال وهو ينهض بكل مظاهر الجلد والادعاء، لكن يد باقر امتدت فأمسكته.
    ـ اجلس. اجلس. أنا أكره لحم الخيل. لو كان لديك لحم غزال أو مهاة لأكلت. لكن....
    ـ آسف يا ضيفي العزيز. لم اذهب اليوم للصيد.
    ـ إذن، أنا فقط أريد أن أنام.
    ـ تنام؟ حسبتك قلقاً تشغلك الأزمة ولا تستطيع النوم.
    ـ أزمة؟ أية أزمة؟
    تفحصه همام ثم بدأ هازاً رأسه:
    ـ أبله!! أنت مجرد أبله!!
    ـ لماذا؟ ماذا هناك؟
    ـ النار تشتعل في الخليج وأنت تسأل ماذا هناك؟
    ـ أنت تمزح؟ نار الخليج انطفأت منذ عامين. إيران لم تصنع من العراق جمهورية إسلامية تابعة لها والعراق لم يحرر عربستان فعاد كل إلى موقعه، لا غالب ولا مغلوب.
    ـ لا، لا، أنا أتكلم عن الأزمة الجديدة بين الكويت والعراق!! قال همام، ومسحة من تعجب ما تزال على وجهه.
    ـ آ! أزمة النفط تقصد؟ طبعاً، هذه سمعت بها، لكن ما هي إلا فقاعات صابون، سرعان ما تتلاشى، قال باقر باستخفاف شديد.
    ـ لا، هذه المرة أظنك على خطأ.
    ـ على خطأ؟ رد وهو يهز رأسه، يا رجل، أنت تعلم أن العراق حتى اليوم لم يعترف رسمياً بحدود الكويت ولا أقام علاقات دولة لدولة معها. فكيف تعطي بالاً لأخذ ورد بين الدولتين؟
    ـ هذه المرة، للأخذ والرد نبرة أخرى.
    ـ كيف؟
    ـ العراق يطالب بأشياء وأشياء، والكويت تسوف وتماطل.
    ـ أعلم. أعلم. قاطعه باقر بشيء من غيظ. صدام يريد رفع الأسعار، والكويت تغرق السوق بالنفط كي ينخفض سعره. قالوا لهم لماذا؟ قال الكويتيون: هكذا.
    ـ لكن أضف إلى معلوماتك أن أمريكا وراء ذلك كله. هي تريد تعبئة خزاناتها النفطية بأبخس الأسعار، والكويت لا تستطيع أن ترد لها طلباً. تابع ومتبوع، وهل للتابع أن يعترض على ما يأمره به متبوعه؟
    ـ ولماذا لا نقول: وراء ذلك كله صدام: هو يريد افتعال مشكلة؟
    ـ كيف، وثمة ديون: ملياران من الدولارات؟ الكويت تريدها والعراق يطالب بإعفائه منها.
    ـ ولماذا يعفى؟ ليدفع صدام ديونه؟
    ـ كيف وهو يقول: "أنا البوابة الشرقية للوطن، أنا الحارس الذي يدافع عنكم؟ أنتم أخوتي. مدوا لي يد العون"، لكن الكويت لا تأبى مد يد العون وحسب، بل تأبى حتى إعفاءه من الديون.
    ـ هي على حق طبعاً. على صدام أن يدفع. الدين دين فلماذا المماطلة؟
    ـ وجزيرتا دربة وبوبيان. لماذا لا تؤجرهما الكويت للعراق منفذاً بحرياً وقد ضاقت به المنافذ؟
    ولم يحر باقر جواباً. كان يعلم أن بريطانيا هي التي رسمت تلك الحدود وضيقت تلك المنافذ. برسي كوكس قطع أوصال العراق على هواه. بسكين شايلوك اقتطع اللحم العراقي وهو يظن أنه الحاكم بأمره، لا راد له ولا معترض، غير واضع في حسبانه أن الملك غازي سيأتي، عبد الكريم قاسم سيأتي، صدام حسين من بطن الغيب سيأتي وكلهم سيطالبون باللحم الذي اقتطع، باسترداد الأوصال التي مزقت.
    ـ هه، مالك سكت؟ سد همام الثغرة وقد رأى صاحبه يصمت، ثم ما قولك بالحقل الذي يسرق نفطه الكويت؟ بالتحركات الأمريكية البريطانية في مياه الخليج؟ بالتحرشات على الحدود، ألا ينذر هذا كله بالخطر؟
    ـ ينذر؟ لا ينذر؟ أنا أعلم أن أس البلاء كله صدام، هو يبحث بالسراج والفتيل عن مشكلة يفتعلها، أزمة يختلقها.
    ـ أنت حاقد. تكره النظام العراقي.
    ـ أكرهه فقط؟ قل أريد تمزيقه إرباً... إرباً. قل لو أستطيع أكل صدام حسين بأسناني لفعلت.
    ـ مع ذلك، يجب ألا يعميك الحقد عن رؤية الحقيقة.
    ـ أية حقيقة؟
    ـ هناك مؤامرة تدبر على العراق، محاولة لتوريطه وقد كانت واضحة في لقاء جدة اليوم.
    ـ لقاء جدة!!؟ حقاً؟ ماذا جرى في ذلك اللقاء؟ سأل باقر بفضول مفاجئ وهو يلعن الساعة التي ذهب فيها إلى الحانة.
    ـ النائب طالب وزير خارجية الكويت بمبلغ من المال مساعدة.. ديناً. أي شيء. فهل تعلم بما أجابه؟
    ـ لا، قل، أسرع!!
    ـ لا مال، لا مساعدات، واذهبوا بلطوا البحر.
    ـ يستاهل، رد باقر فرحاً شامتاً. صدام يستاهل. يريد أن يبتز الناس. أنا أعرفه. دكتاتور متسلط، يجد نفسه قوياً فيفرض "خوّة" على الضعفاء، ينهب أموالهم.
    ـ لماذا لا تقول إنها الحاجة فعلاً؟ قاطعه همام بنبرة احتجاج واضحة. العراق خارج من حرب وهو بأمس الحاجة للمال، فلماذا لا يساعده إخوانه العرب؟
    ـ يساعدونه بالقوة؟ رد باقر ساخراً، يساعدونه رغماً عن أنوفهم؟ لماذا؟ لكي يقوى النظام!! لكي يرسخ صدام قدميه.
    ـ صدام!! صدام!! فلقتني بصدام!! قاطعه همام بكثير من الحدة. أتدري بمن تذكرني؟
    ـ لا.
    ـ بإيدن، رئيس وزراء بريطانية، يوم أزمة السويس. أتدري ما كان خطابه للعالم؟
    ـ لا، لم أكن واعياً يومذاك.
    ـ كان يقول: معركتنا ليست مع مصر وليست إطلاقاً مع العرب بل هي مع الكولونيل ناصر. تصور. يختزل الأمة كلها بعبد الناصر، وهكذا أنت تختزل العراق كله بصدام، تلغي شعباً بكامله من أجل فرد؟
    ـ لكن، ناصر شيء وصدام شيء آخر. هذا هو الذي ألغى الشعب. هو الذي اختزل العراق. جعله ملكه وحده.
    ـ أنت متجنٍ. باقر. العراق أكبر من أن يختزل. العراق ملك لكل عراقي بل لكل عربي، فلماذا نتأثر بدعاية الاستعمار السوداء؟
    ـ هه! لا ينقصك إلا أن تقول أننا عملاء للاستعمار؟
    ـ لا، ينقصني أن أقول أننا بحاجة لمراجعة حساباتنا دائماً، للأخذ بالمتغيرات المستجدة دائماً، فلا نتحجر على موقف ولا نتجمد.
    ـ وأصفق لصدام وأهتف بحياته؟ رد باقر ساخراً سخرية المرارة.
    ـ بل تعود إلى العراق وتناضل من داخل.
    ـ سأعود. أجل، سأعود إلى العراق لكن بعد أن يتحرر من صدام، ونهض باقر مشيراً بيده إشارة القطع.
    ـ أين؟
    ـ أريد أن أنام، أم انسحب حاتم الطائي فلم يعد يريد استضافتي؟
    ـ بل، على الرحب والسعة. اذهب فنم، ومضى في اتجاه الغرفة الأخرى مترنماً: "ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوم"، لكن دون أن يثير شهية باقر لمزيد من النقاش، هو الذي كان كل ما يشتهيه أن يضع رأسه على الوسادة ويغرق في سبات عميق.
    ***
    الفصل الثاني
    ـ باقر. باقر. انهض. جاءه صوت بعيد ربما من الشاطئ الآخر للبحر، لكنه عاد يتكرر بإلحاح لم يملك معه إلا أن يفتح عينيه مغمغماً:
    ـ ما... ماذا همام؟
    ـ انهض. جماعتك احتلوا الكويت.
    ـ احتلوا الكويت!؟ جماعتي؟ ماذا تقصد؟
    ـ العراقيون دخلوا الكويت، أجابه وهو يشير إلى المذياع.
    ـ يا إلهي!! معقول!! صاح باقر هذه المرة. وهو يهب ملء طوله: دخلوا الكويت!! ماذا قلت؟ ضموا الكويت!!؟ ثم أمسك بهمام من كتفيه وهو يثب إلى الأعلى والأسفل، طفلاً يطير فرحاً.
    ـ الوثبة نفسها وثبها أبي، والفرح نفسه طغى على أبي، قال باقر رداً على استفسار همام واستغرابه.
    ـ حقاً؟ كيف؟ سأل همام. وقد فاجأه فرح باقر باحتلال العراق للكويت، هو الذي يكره النظام في العراق حتى الموت.
    ـ ما أزال أذكر جيداً تلك اللحظة: لكأني أعيشها الآن.
    ـ أية لحظة؟ سأل همام وقد أثير فضوله أكثر فأكثر.
    ـ حين لعلع صوت جارنا فجأة وهو ينادي: أبا جبار! أبا جبار! الزعيم ضم الكويت. ثم أتبعها بصرخة فرح عالية: ضم الكويت!! وللتو رأيت والدي يلقي بكل شيء من يده ويثب. فرحاً فرح الأطفال هاتفاً ملء صوته: "حياك الله يا زعيم! حياك الله يا كريم! أعدت الأرض لأصحابها". لم أكن في تلك اللحظة أعي جيداً ما يعني ضم الكويت ولا أعادتها لأصحابها. لكنني كنت أعلم أن الزعيم هو عبد الكريم قاسم، الرجل الذي بات أبي يحبه كثيراً بعد أن ألغى الملكية، وأعلن الجمهورية. قضى على نوري السعيد وطرد الإنكليز، فلم تبق بعده لا قواعد جوية ولا بحرية لاستعمار بغيض جثم طويلاً على صدر العراق.
    ـ التاريخ يعيد نفسه، تعني؟
    ـ صحيح، ربما هذا صحيح همام.
    وعاد باقر بذاكرته إلى تلك الأيام. حينذاك كان في الحادية عشرة من عمره يساعد أباه في دكانه هناك، حيث سوق "التنكجية" والطرق والدق ينصب عليك من كل حدب وصوب. باقر يذكر جيداً تلك السوق، يتذكر سوق النحاسين القريبة، والضجيج الذي يصم الآذان. مع ذلك كان عليه أن يساعد أباه كلما خرج من المدرسة. أبوه "تنكجي" بارع، وعليه هو أن يتعلم صنعة أبيه فالصنعة في اليد أمان من الفقر. أبوه يصنع المزاريب، المواقد، المدافئ، الصاجات التي يخبز عليها البدو الرحل. أصله من العمارة. ترك مسقط رأسه وغادر إلى البصرة. أحدهم قال له "هناك المدينة أكبر وباب رزقها أوسع" لكن سرعان ما خاب فأله. فالبصرة أخت العمارة وباب الرزق كان يضيق حتى ليصبح كخرم الإبرة أحياناً فكيف تعبر أسرة من سبعة أفواه خرم الإبرة؟
    مع ذلك كانوا يعرفون أن الأب يعمل. الأبناء يساعدونه وما يبيعون به من نقود يأخذونه للتو إلى الأم تشتري به طعام ذلك النهار. جيرانهم كلهم مثلهم من اليد إلى الفم. يعملون ليل نهار، كي يوفروا لقمة العيش. لكن فجأة لمع أمل. قامت ثورة تموز. رقص الناس فرحاً. هزجوا لأحلام العدالة والمساواة. صفقوا للحرية وتوزيع الثروات، ثم جاءت الفرحة الكبرى: ضم الكويت. وثب الأب فرحاً. رقص السوق كله. هزجت بغداد ورقص العراق. لكن سرعان ما هاجت بريطانيا وماجت، أرسلت البوارج وحركت الطائرات. ألبت العرب وحرضت الغرب، أقامت الدنيا على رأس عبد الكريم قاسم ولم تقعدها إلى أن اضطر إلى التراجع وألغى إعلان الضم. "لكن ماذا يا ترى عن إعلان التحرير؟ هذه المرة الأمر مختلف". يفكر باقر، فصدام حسين لم ينتظر رد فعل بريطانيا ولم يحسب حساب بوارجها وطائراتها، بل أرسل في غفلة من بريطانيا، أمريكا، العالم كله، مدرعات كمدرعات غادريان لا يقف في وجهها حاجز، حرك مصفحات وسيارات تسابق الريح، من البحر أرسل السفن الحربية والزوارق الطوربيدية، من الجو بعث الطيران، وفي غمضة عين كان كل شيء قد انتهى. "المفاجأة نصف النصر"، هكذا تقول القاعدة العسكرية، لكن في عملية الانقضاض على الكويت، كانت المفاجأة كل النصر، فالذعر الذي انتشر في القصر، الرصاص الذي انطلق على حين غرة كان قد أهلك سعيداً، فلماذا لا ينجو سعد؟ عشرات السيارات الفارهة انطلقت من القصور الأميرية صواريخ عابرة للقارات، تريد فقط أن تعبر الحدود إلى نجد، حيث الأمن والأمان. الحياة غالية، أغلى من أن يقدرها جند أجلاف يلجون القصر الفخم المهيب ببساطيرهم القذرة، وأسلحتهم التي تتقن زرع الموت وحرابهم المشرعة التي تتعطش لولوج الأحشاء، فلا يميزون بين أمير وحقير، غني وفقير. هو غال ثمنه باهظ. في السوق العالمية يساوي آلاف ملايين البراميل من النفط، وهل يستطيع جندي جاهل أن يحسب ما تساويه آلاف ملايين البراميل تلك؟ حليفه لن يخذله. حلف قديم قدم الدهر يجمع بينهما. مذ انهزم أمير نجد أمام إبراهيم باشا القادم من مصر لم يجد أمامه ملاذاً سوى شيخ القبيلة البعيدة على شاطئ الخليج. ومذ ذبح شيخ القبيلة أخويه ذبح النعاج، لم يجد غير حليفه في نجد من يدافع عن فعلته الشنعاء وينافح عنه. ثمة حلفاء آخرون سيهبون لنجدته، حلفاء كثر أقوياء. المهم أن ينجو . "أسرع. أسرع. بل امض بأقصى سرعة" ومضى السائق بأقصى سرعة يحلق به سرب كبير من السائقين الآخرين قبل أن يدرك جند بغداد أن الطيور أطلقت أجنحتها للريح.
    همام مذهول. مذ سمع الخبر ذلك الصباح وهو أشبه بلوحة للذهول: فم فاغر وعينان مفتوحتان على سعتهما ولسان يتلجج بما يقول وكأنه غير مصدق. أسرعا حينذاك إلى المذياع يبحثان فيه يميناً شمالاً عن محطات تتحدث عن الخبر. وأية محطة لا تتحدث؟ الحدث جلل. هز العالم، أصابه كله بالذهول وهو من شرقه... إلى غربه، من عربه إلى عجمه مذهول. "أية سرعة‍! أية سرية! أية مفاجأة!" كان الكل يقولون وكانوا يتابعون: "الحرب الصاعقة، تكتيك رومل، مفاجأة الخصم، هي ذي الأسس التي انطلقت منها عملية الكويت!!" همام حزين فقط لأن الطريدة أفلتت.
    ـ آه!! لو أمسكوا به فقط، قال وهو يتنهد. إذن لكان درساً هائلاً، عبرة عظيمة يرتجف لها حلفاؤه أنفسهم، أولئك الذين يحسبون أنفسهم أنصاف آلهة، يحتقرون الشعب، يدوسون رقاب الرعية وينهبون ثروات الوطن. آه!! لو يتابع طريقه فيلحق بهم إلى هناك يسحقهم هم وحلفاءهم، فلا يترك من العائلتين صافر نار!؟
    ـ يحتل نجداً أيضاً؟ سأل باقر وهو يلوك الفكرة الجديدة ولا يستطيع بلعها.
    ـ ولم لا؟ إن كان حزب البعث يريد وحده العرب فماذا يفعل؟
    ـ ماذا يفعل؟ يسلك طريق القوة؟ رد باقر وقد تشنج فجأة، حزب البعث الفكر القومي، الوحدة العربية كلها كانت تصيبه بالتشنج. تاريخ طويل من العداء والكراهية لذلك الحزب وأفكاره كان يحمله باقر. فقد نشأ أممياً يكره كل ما هو قومي، ترعرع على الصدام مع القوميين، العراك معهم، رفض أفكارهم فكيف يقبل بها الآن؟
    ـ أتقول لي؟ رد همام بكل اندفاع، بسمارك كيف وحد ألمانيا؟ غاريبالدي كيف جمع شتات إيطاليا؟ بل إبراهيم لنكولن، كيف أعاد اللحمة لأمريكا يوم أراد الجنوب الانفصال؟ أبالهمس واللمس؟ بالغزل والملاطفة؟ أم بحد السيف ورصاص البنادق؟ ورغم أن الحجة مفحمة، وما يقوله التاريخ من دروس وعبر صحيح إلا أن لسانه أبى إلا أن يحتج.
    ـ لا، لا، إن أفلح صدام في ضم الكويت ماذا يخلصنا منه حينذاك؟
    ـ ولماذا نتخلص منه؟ إن قضى على كل هذه الكيانات المصطنعة، ألا يكون قد حقق الحلم الكبير الذي يحلم به كل عربي؟
    ـ لكن أنا أكرهه. نظام بغداد أكرهه. حاكم بغداد أحقد عليه حقداً لو أتيح لي أن أمسك به لأكلت كبده.
    ـ تصبح هنداً أخرى إذن!؟ سأل همام ضاحكاً.
    ـ أجل، أصبح آكل أكباد كامرأة أبي سفيان، ولا أقبل شيئاً يفعله.
    ـ لكن قبل قليل فقط كنت فرحاً؟ وثبت كالقط حين سمعت باستعادة الكويت؟
    وأرتج على باقر. رد فعله الغريزي كان الفرح الشديد، شأنه شأن أبيه قبل ثلاثين عاماً. لكن ما إن طرح همام أفكاره حتى تملكه شيء من خوف. الإذاعات بعد ذلك زادت من ذلك الخوف. فبريطانيا التي هاجت وماجت تلك المرة، عادت فهاجت وماجت هذه المرة أيضاً. "لقد رسمنا حدوداً كي تبقى، وأقمنا دولاً كي تدوم". راحت مارغريت تاتشر تصرخ وإذاعاتها تهدد وتتوعد. "الكويت في حمايتنا، فمن يتجرأ على انتهاك ما نحميه؟" مع صوت بريطانيا لعلع صوت أمريكا، قطب العالم الأوحد، والاتحاد السوفييتي يحتضر. غورباتشوف كان قد قاده إلى فراش الموت. هيبته، نفوذه، قواه، كلها كان قد وضعها غورباتشوف في سلة البرسترويكا وألقاها في نهر الفولغا دون أن يعلم أحد أين ستستقر؟
    باقر يسمع الإذاعة، يشاهد التلفزيون، يتتبع الأخبار يوماً بيوم وساعة بساعة، ويوقن يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة أن الأمر أخطر بكثير مما تصور. في بيروت، في المعسكر، هو لا يفتأ يلاحق نشرات الأخبار، يتتبع التطورات، فالعالم الذي أصيب بالذهول حين جاءه الخبر الصاعق، بدأ يفيق من ذهوله. أغلق فمه، وضيّق حدقتي عينيه وهو يصغي إلى السيدة الحديدية في لندن وهي تزمجر وتزأر. "اليد التي امتدت إلى الكويت سنقطعها". "قوانين الأمم المتحدة تقتضي من كل دولة احترام سيادة الدولة الأخرى وعدم الاعتداء على أراضيها". "لكن هل استعادة العراق للكويت عدوان واعتداء؟" باقر يتساءل ويتذكر حزب البعث وأهدافه في تحقيق الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج. ترى إن فعل ذلك ما عساها تفعل الأمم المتحدة؟
    (السؤال قديم، كثيراً ما كنا نتجادل حوله وأنا في البصرة، في العمارة، في بغداد، السؤال قديم مثلما الصراع بيننا وبين ذلك الحزب قديم. لم يكن في الشوارع، في المدارس، في المعامل فحسب، بل في البيوت أيضاً. ابن

      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-05-17, 09:58