استيقظت على وقع قدميه وهو يتسلل قبيل الفجر إلى غرفته… فتحت إحدى عينيها، ونظرت إلى ( جعبته) التي تلف جسده النحيل، وبندقيته التي امتشقها نحو صدره بحنان… دخل غرفته، وأفرغ حمولته… انتظرته حتى توجه للوضوء استعداداً لصلاة الفجر:
-الله يعطيك العافية يا صلاح يا ابني.
-الله يعافيك يا حاجة… أنت لم تنامي؟
-لا… نمت، وقمت لما دخلت… طيب يا ابني يا صلاح… طيب؟ من يوم ما غلط أبوك غلطته ومات وأنت على حالك وأختك على حالها.
تنهدت، ثم واصلت:
-أنت سهران الليل وإصلاح نامت من المغرب، والله أعلم… هي تعودت تقوم بعد طلوع الشمس… الله يفرجها عليها… مر عليها يمكن تقوم يا صلاح؟.
-لا…لا… خليها تنام، هي قالت قبل خروجي… لا تريد الإزعاج.
عادت العجوز إلى فراشها تنتظر أذان الفجر… صلّوا وانصرف كل إلى مخدعه… الساعات تمر والجميع يغطون في نومهم… خيوط الشمس تتسلل من ثقوب النافذة المرتفعة في غرفة صلاح… استيقظ… نظر إلى ساعته:
-يا الله… الساعة السابعة والنصف، والشمس تملأ الدنيا.
خرج من غرفته …توجه نحو غرفة إصلاح… لم تزل نائمة …أراد إيقاظها فاحضر طبلاً، وراح يدقه فوق رأسها.
بدأ جسدها الثقيل يتقلب يميناً ويساراً… ارتفع صوت الطبل أكثر، فبدأت تفرك عينيها … زاد فازدادت حركتها حتى هبت من منامها مذعورة:
-ما هذا؟… مالك؟… قصف… قصف. ضحك ، وضحك ، ثم قال وهو يقهقه:
-لا… لا… طبل … قومي ، الناس غابت وجابت وأنت نائمة.
-اتركني… اتركني… الله يخليك.
حاول معها مرة… حاول أخرى، وثالثة لكنها لم تستجب… تركها وانصرف وهو ينظر إليها بإشفاق … جهز نفسه وخرج للجامعة.
وضعت إصلاح رأسها على وسادتها… أرادت العودة للنوم، لكن شيئاً في رأسها يستفزها… جلست… جلبت إحدى ضفيرتيها إلى صدرها، وشرعت تحل عقدها:
-ما هذا… ما هذا…؟ … كم مرَّ عليَّ ولم أفك شعري؟
بحثت عن مشط في البيت… أمسكت به، وقضت يومها في حل خصلة واحدة من شعرها… أحضرت وعاء ابتاعته من طبيبة أجنبية افتتحت عيادة جديدة قرب بيتهم… سكبت فيه شيئاً من سائل وصفته لها، وبدأت في وضع ما تمسك يداها من القمل في الوعاء… أقبل المساء… يداها كلَّتا من طول العمل فنامت.
ليلتها، على غير عادتها، هبت إصلاح مذعورة وهي تضع أناملها بين خصلات شعرها… تلفتت حولها… ظلت تفرك شعرها بأناملها… كادت تدمي رأسها… مكثت قليلاً ثم نظرت إلى الوعاء… أدهشتها المفاجأة… لم يكن هناك سائل… لم تجد هناك قملا… تساءلت:
-أين الـ…
وحين أدركت عودته إلى رأسها راحت تصرخ في جنبات نفسها:
-إلى متى… إلى متى…؟. وراحت تحاول تمزيق خصلات شعرها.
أمها العجوز لم تكن نائمة… تململت في فراشها… لاحظت إصلاح ذلك… أحست أن أمها بصمتها لم تشأ مساعدتها… صرخت لتستفزها…لم تحرك الأم ساكناً، لكنها نظرت باشمئزاز، ثم استدارت إلى الحائط وراحت في سبات عميق.
عادت إصلاح لفض ضفيرتها… نكثتها وراحت تنهش فروة رأسها… فكرت جدياً بجز ضفيرتيها لكنها خشيت اجتماع القبح إلى عنوستها فأحجمت.
لم تزل كل يوم على هذه الحال تفض ضفيرتها ثم تجدلها … يعود القمل فتعاود فضها من جديد حتى أصابها الشك:
-صلاح هو الذي يجلب القمل لرأسي… لمَ لا؟… إنه يقضي وقته بين الأحراش والحشائش والـ…
توقف تفكيرها لحظة وهي تنظر حولها بعينين غاضبتين… نهضت من فراشها مسرعة… قبضت بكفها من وعائها… توجهت مضطربة نحو مخدع صلاح… دست يدها تحت وسادته، وعادت مسرعة.
انتظرت عودته… طال انتظارها فشرعت تفرك كفيها ببعضهما… أخذ احمرار عينيها يزداد، والتعب يغزو جسدها… لم تصبر… تمتمات غريبة انبعثت من بين شفتيها… أيقظت أمها العجوز… تلفتت إليها… رأتها حائرة… اعتدلت وهي تقول:
-من غير تعب… صلاح اليوم… وكل يوم بعيد عنك.
دهشت لقولها… رفعت رأسها لتصيخ السمع، فواصلت العجوز:
-بعد المغرب حمل خيمة جده … ضمني لصدره و…
صمتت قليلاً ثم أجهشت بالبكاء.
2017-07-09, 06:40 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» عضو من عائلة أبو هاشم بمصر
2017-07-08, 18:28 من طرف Hany
» مربعانية الشتاء
2017-07-08, 08:59 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» ونذرت شعري للمسرى
2017-07-08, 08:57 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» عايد أبو فردة يشهر كتابه «ديوان السامر الفلسطيني»
2017-07-08, 08:54 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» "وادي الكلاب".. خربة لا ترى النور ---- قرية الصرة
2017-07-08, 08:26 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» طموح مواطنو قرية الصرة في دورا - الخليل
2017-07-08, 08:20 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» دعاء لشهر ذي الحجة 1437
2016-09-03, 20:29 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» صورة وجهاء عائلة أبو هاشم
2016-09-03, 19:53 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» اثناء العمل ... فارس طه ابو هاشم
2016-09-03, 19:14 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم