أسامة عبد الرحمن
كثيراً ما يشار إلى أن القضية الفلسطينية، ليست قضية حدود، ولكنها قضية وجود. وربما كان المقصود من ذلك أن المسألة ليست مسألة خلاف على حدود كالخلاف الذي ينشأ بين دولة وأخرى في أي صقيع من أصقاع العالم، وقد يُحل بالتحكيم، وإن كانت بعض الخلافات على الحدود قد أدت إلى حروب.
والقضية الفلسطينية، ليست من هذا القبيل، فهي اغتصاب لأرض، واغتصاب لحق، وتهجير أصحاب الأرض، وأصحاب الحق، أو طمسهم تحت سنابك الاحتلال، أو تهميشهم وانتهاك كل الحقوق والمواثيق والقوانين الدولية، وهي قضية وجود في المقام الأول، ولكن ليس مجرد الوجود في الشتات أو المنافي بعيدين عن أرضهم، أو داخل الكيان الصهيوني.
والوجود، في مضمونه الحقيقي، يعني الوجود الفاعل والذي تتمثل فيه اعتبارات السيادة والكرامة والحرية والحقوق والواجبات، ولعل هذا هو الهدف الذي يسعى إليه الوجود الفلسطيني، الذي يتمسك بحقه وبأرضه بكل ما يملكه من صمود وصبر ومقاومة.
صحيح أن وجوده في الحقبة الراهنة مفرغ من مفهوم الوجود الفعال والوجود الطبيعي بحكم استلاب الأرض والحق، وممارسة الاحتلال كل أنواع البطش والتنكيل والقمع، ولكنه لم يستسلم لهذا الوجود غير الفاعل وغير الطبيعي، وكل صموده وصبره ومقاومته، هي من أجل تحقيق الوجود الفاعل والطبيعي الذي تتمثل فيه الحرية والكرامة والسيادة والحقوق والواجبات في دولة لها مقومات الدولة وركائزها ومؤسساتها.
وإذا كان هذا الوجود هو الهدف وهو الغاية، فإن القضية الفلسطينية هي قضية وجود بهذا المعنى، وهي في الوقت ذاته قضية حدود. صحيح أن هناك أطرافاً فلسطينية تعتبر فلسطين كلها أرضاً للدولة المأمولة، وأطرافاً أخرى تقف عند حدود الرابع من يونيو/ حزيران. ولعل هذه الأخيرة، تتفق في نظرتها مع مبادرة السلام العربية، وتتصور أن هذه النظرة واقعية، وأن ما هو أبعد من هذه النظرة غير واقعي. وهنا يتضح أن القضية الفلسطينية، هي قضية حدود أيضاً.
ومعروف أن الكيان الصهيوني الذي استلب الأرض الفلسطينية، والحق الفلسطيني، متمسك بوجوده ويحاول التهام أقصى قدر ممكن من الأرض الفلسطينية تحت زحف مستعمراته، ويسعى ما وسعه جهده أن يحول دون قيام دولة فلسطينية تملك مقومات الدولة، ويحاول أن يكيف حدوده وفق طموحاته الجامحة والجانحة بحيث يبدو غير راض بوجود دولة فلسطينية لها مقومات الدولة. وإذا كان سعي الراعي الأمريكي حقيقياً في حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية، فإنها ستكون بحدود مصطنعة، أو حدود متعددة أو متفرقة، ولا تملك مقومات الدولة الممثلة في حرية الإرادة، واستقلال القرار، ولا ترتكز على منظومة متكاملة من ركائز الدولة.
إن الوجود الفلسطيني في الحقبة الراهنة، هو وجود غير فاعل، وغير طبيعي، وإذا كانت القضية الفلسطينية في المقام الأول، قضية وجود، فهو وجود الصامدين والصابرين والمقاومين في سبيل السعي إلى وجود حقيقي وفاعل. وبالطبع فهي ليست قضية وجود لمسلوبي الأرض والحق، أو اللاجئين، أو مشردين في الشتات والمنافي، ذلك أن هذا الوجود ليس هو الوجود الفاعل والطبيعي، وهو الهدف الذي يسعى إليه الصامدون والصابرون والمقاومون. وهو بهذا المعنى يجسد فكرة الوجود أنه محور القضية. والحدود محور مكمل ويظل أساسياً. ذلك أن أي دولة يجب أن يكون لها حدود، وتبسط هيمنتها على أرضها داخل هذه الحدود، ويتمتع أصحاب الأرض فيها بالحرية والسيادة والكرامة والحقوق والواجبات.
وهكذا يتضح أن القضية في نهاية المطاف، قضية وجود، وقضية حدود، وكلاهما محوران أساسيان لأي دولة، وهما متلازمان، فالوجود الفاعل والطبيعي لا بد أن يكون في دولة لها حدود، وتتمتع بحرية الإرادة واستقلال القرار، ولها ركائز الدولة من مؤسسات وقوانين، ويتمتع الأفراد داخل هذه الحدود بكل حقوق المواطنة، بعيداً عن هيمنة المحتل الغاصب، وبطشه وجبروته وأسرلته وعبرنته.
صحيفة الخليج الإماراتية
2017-07-09, 06:40 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» عضو من عائلة أبو هاشم بمصر
2017-07-08, 18:28 من طرف Hany
» مربعانية الشتاء
2017-07-08, 08:59 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» ونذرت شعري للمسرى
2017-07-08, 08:57 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» عايد أبو فردة يشهر كتابه «ديوان السامر الفلسطيني»
2017-07-08, 08:54 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» "وادي الكلاب".. خربة لا ترى النور ---- قرية الصرة
2017-07-08, 08:26 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» طموح مواطنو قرية الصرة في دورا - الخليل
2017-07-08, 08:20 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» دعاء لشهر ذي الحجة 1437
2016-09-03, 20:29 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» صورة وجهاء عائلة أبو هاشم
2016-09-03, 19:53 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
» اثناء العمل ... فارس طه ابو هاشم
2016-09-03, 19:14 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم