شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

أهلا و سهلاً بك زائرنا الكريم في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم
نحن في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم .. نفتش معا .. نبحث عن الحقيقة في جوف الأرض أو كبد السماء ..
المدير العام لشبكة منتديات عائلة أبو هاشم
فارس طه حسن أبو هاشم



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

أهلا و سهلاً بك زائرنا الكريم في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم
نحن في شبكة منتديات عائلة أبو هاشم .. نفتش معا .. نبحث عن الحقيقة في جوف الأرض أو كبد السماء ..
المدير العام لشبكة منتديات عائلة أبو هاشم
فارس طه حسن أبو هاشم

شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شبكــة منتـــديات عائلـــــة أبــــو هاشــــم العـــــواودة

شبكة منتديات عائلة ابو هاشم العواودة ... منتديات تتضمن لكل ما يخص أمور و شؤون العائلة و للحوار الحر الملتزم في الفكر الإسلامي والحوار والأسرة والصحة وعلوم الكمبيوتر الحديثة والترفيه الملتزم

شبكة منتديات عائلة أبو هاشم ترحب بكم و تتمنى لكم قضاء وقت سعيد في منتدانا الغالي ... مع تحيات مدير الموقع...   فارس طه حسن ابوهاشم

تعلن شبكة منتديات عائلة أبوهاشم عن حاجتها لمشرفين و مراقبين للموقع على من تتوفر لديه الرغبه و القدرة مراسلة الادارة على الأيميل التالي :farestaha@hotmail.com

أبو هاشم  ربعي هلا السيف والنار ... من روس روس العرب والقبايل ... صغيرنا له مجلس بين الكبار ... كبيرنا متعب ظهور الاصايل

صفحتي الأولى

المــديـر العـــــــام
فارس طه حسن أبو هاشم

اختار لغة المنتدى

أختر لغة المنتدى من هنا

انت الزائر رقم



 روايه مواجع الشتات - الجزء 9 Counter

اشترك معنا ليصلك جديدنا

ادخل عنوانك البريدي (الايميل ) بالمربع ادناه ليصلك جديدنا ثم أضغط Subscribe

Delivered by FeedBurner

المواضيع الأخيرة

» كلام جميل
روايه مواجع الشتات - الجزء 9 I_icon_minitime2017-07-09, 06:40 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» عضو من عائلة أبو هاشم بمصر
روايه مواجع الشتات - الجزء 9 I_icon_minitime2017-07-08, 18:28 من طرف Hany

» مربعانية الشتاء
روايه مواجع الشتات - الجزء 9 I_icon_minitime2017-07-08, 08:59 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» ونذرت شعري للمسرى
روايه مواجع الشتات - الجزء 9 I_icon_minitime2017-07-08, 08:57 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» عايد أبو فردة يشهر كتابه «ديوان السامر الفلسطيني»
روايه مواجع الشتات - الجزء 9 I_icon_minitime2017-07-08, 08:54 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» "وادي الكلاب".. خربة لا ترى النور ---- قرية الصرة
روايه مواجع الشتات - الجزء 9 I_icon_minitime2017-07-08, 08:26 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» طموح مواطنو قرية الصرة في دورا - الخليل
روايه مواجع الشتات - الجزء 9 I_icon_minitime2017-07-08, 08:20 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» دعاء لشهر ذي الحجة 1437
روايه مواجع الشتات - الجزء 9 I_icon_minitime2016-09-03, 20:29 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» صورة وجهاء عائلة أبو هاشم
روايه مواجع الشتات - الجزء 9 I_icon_minitime2016-09-03, 19:53 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

» اثناء العمل ... فارس طه ابو هاشم
روايه مواجع الشتات - الجزء 9 I_icon_minitime2016-09-03, 19:14 من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 2267 مساهمة في هذا المنتدى في 1271 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 251 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو اسلام ابو هاشم فمرحباً به.

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 4 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 4 زائر

لا أحد


[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 45 بتاريخ 2024-03-15, 11:08

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 

    روايه مواجع الشتات - الجزء 9

    إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
    إدارة منتدى عائلة أبوهاشم
    فـارس طــه حسـن أبو هاشــم
    المدير العام لشبكة منتـديات عائلـة أبو هاشـم و مؤسـس المنتـدى

    فـارس طــه حسـن أبو هاشــم المدير العام لشبكة منتـديات عائلـة أبو هاشـم و مؤسـس المنتـدى


    الابراج : القوس نقاط : 31501
    عدد المساهمات : 471
    تاريخ التسجيل : 14/09/2009
    العمر : 43
    الموقع : www.abuhashem.ahlamontada.net

    روايه مواجع الشتات - الجزء 9 Empty روايه مواجع الشتات - الجزء 9

    مُساهمة من طرف إدارة منتدى عائلة أبوهاشم 2010-07-11, 03:18

    ـ سمعت، فما رأيك؟
    ـ يا ولدي!! ثوب العيرة ما يدفي. وإن دفا ما يدوم. وأطرق باقر ملياً.
    "صحيح... بغداد كانت تلبس ثوباً استعارته عله يقيها برد الرصاص وصقيع القنابل، لكن ذلك الثوب لا يبقى. سيطلبه صاحبه إن عاجلاً أو آجلاً". ولقد جاء كارتر، رأس العملاق الأمريكي الأسبق يطالب بالثوب راجياً، لا متوعداً، مستثيراً نخوة بغداد لا متهدداً، "ليس من شيمة العرب أن يحتموا بالنساء. ليس من عادة العرب أن يختبئوا خلف الأطفال" وثارت نخوة صدام في بغداد. مارت مروءته وفارت، فأطلق وعده "سنعيد لكم رهائنكم."
    صدام حر ووعد الحر دين، لا بد من إيفائه. زرافات ووحدانا بدأت أسراب الرهائن تنطلق في السماء إلى بلدانها وقد صنع لها الرعب أجنحة، أقوى بكثير من أجنحة الحبارى. أطفالاً ونساء في البداية، ثم رجالاً في النهاية، لم يكونوا يصدقون أنفسهم. يؤخذون إلى السيارات وهم لا يصدقون. ينقلون إلى المطارات وهم لا يصدقون "أحقاً.. أفلتنا من أنياب الضرغام؟" كان كل منهم يشعر أنه وقع بين فكي ليث، والليث جائع فماذا يفعل به؟ يائسين كانوا، قانطين من الخلاص ظلوا، أربعين... خمسين يوماً... ثم جاء الفرج فجأة ليبدؤوا الطيران وهم أشد ذهولاً وعجباً من حبارى صحراء وجدت نفسها فجأة فوق بحيرة ماء.
    البصراوي ينظر لأمر الرهائن من منظور مختلف.. منظور عبد الوهاب التنكجي الأمي... الإنساني:
    ـ مساكين!! ما ذنبهم هؤلاء الأبرياء، أطفالاً ونساء؟ شباباً وشيوخاً؟ إن كانت أنظمتهم تريد ضربنا، فما ذنبهم هم؟ أنظمتهم استعمارية مجرمة، لكن هم مجرد ضحايا مثلنا لتلك الأنظمة، بل ربما ضحايا أكثر منا.
    ـ صحيح الرعية دائماً بريئة، رد عليه باقر بشيء من غمغمة، أما السفاح السفاك فهو الراعي.
    ـ تريد رأيي يا وليدي؟.. يتابع البصراوي، إن أردت أن تذود عن حياضك فبسلاحك. درع البشر يفيدك لحين، لكن بعد... ماذا بعد؟
    ولم يكن باقر يستطيع الرد... بأمان الله، بأمان الله ودع صاحبه آخذاً إياه بالأحضان ثم مضى إلى بيروت.
    ـ مجنون صاحبك، عاجله همام ما إن فتح له بابه في بيروت. ليس فيه ذرة عقل واحدة.
    وفوجئ باقر:
    ـ الحمد لله!! أخيراً اقتنعت بأنه مجنون؟ كم قلت لك ذلك من قبل؟
    ـ من قبل لم يكن يعنيني. لكن الآن، وهو يمسك زمام الأمر بيده، يفلت كل شيء؟
    يرفع مظلة فوق العراق كله، ثم فجأة يتخلى عن تلك المظلة؟
    ـ هذا ما يجعلك تشك فيه، تقنط منه وتقول: ربما هي فعلاً لعبة، هو شريك فيها، كما يقول صاحبي هناك، وأشار إلى البعيد، حيث معسكر الحاصباني ويسار.
    ـ لا، لا، هذا كلام البسطاء السذج، هو يواجه بحق.. يتصدى بحق... يدافع عن استقلال العرب وكرامة العرب بحق، لكنه فردي نزواتي. ضحك عليه كارتر... ضحكت عليه تاتشر، الوسطاء كلهم دقوا على وتر النخوة والمروءة... الشهامة والعروبة فجردوه من أفضل سلاح يملكه.
    ***
    عبد المحسن يخالف هماماً الرأي. هو يرى أن الحرس الجمهوري أفضل الأسلحة. فرق طويلة عريضة... فيالق جرارة مزودة بأحسن الأسلحة، مدربة خير تدريب، معبأة بشجاعة خالد والمثنى، كيف لا تكون أفضل الأسلحة؟
    ـ ولم نبقيهم، رهائن لا تسمن ولا تغني من جوع؟ قال لفاطمة رداً على أسئلتها وخوفاً. نحن قادرون على الدفاع عن أنفسنا.. حماية ترابنا بأسلحتنا، أما هذا الدرع البشري فلعب بالأعصاب. أنا أعلم. القائد أراد أن يلعب بأعصابهم... يلاعبهم لعبة القط والفأر، وكان لاعباً ماهراً. ألم تري كيف ركعوا عند قدميه؟ جاؤوا إليه أذلاء صاغرين؟ هكذا الرجال!
    فاطمة مؤمنة أنه هكذا الرجال!! زوجها منهم وهي مشبعة بعبد المحسن إلى حد لا يقبل معه زيادة. حسبها أن ترى طلته... تنعم بضمته. حسبها إشارة منه حتى تسير وراءه حتى آخر الدنيا. لو يسمح لها، إذن لتركت كل شيء وذهبت معه إلى شاطئ الخليج حيث يصب شط العرب بحراً في بحر. وحيث الفاو أنابيب نفط ومصافٍ، موانئ وناقلات. لكن عبد المحسن لا يسمح لها. هو في شغل شاغل. يأتي ليلةً ليذهب ليالي، وهي تنتظر. امرأة لا تعرف من الحياة سوى الانتظار. الأزواج يرحلون وهن ينتظرن. شهوراً.. سنين ينتظرن. بعض أزواجهن يأتون وبعضهم تغيّبهم البحار... تلتهمهم الأسماك... تأكلهم الوحوش. لكن عبد المحسن قوي، شجاع لا تلتهمه سمكة ولا يأكله وحش. في موعد مبيته جاء، وطارت إليه. طار إليه الأولاد. قبلات من هنا.. ضمات من هناك. ثم الحمام الذي يزيل الأوساخ ويفرغ الشحنات. لا، ليس باستطاعة عبد المحسن أن ينتظر الليل... أن يصبر حتى ينام الأولاد. هو في عجلة من أمره فيأكل شطيرة. أليس العصر كله عصر السرعة؟ أليس هو زمن الشطائر والوجبات السريعة؟
    إذن، ليأخذ وجبته السريعة في الحمام وتذوب فاطمة متعة ونشوة. تلك الوجبات السريعة أكثر ما يعجبها فيه. هي تعني أن الرجل مشوق، ذائب رغبة وشهوة، وماذا يطرب فاطمة كأن يذوب فيها عبد المحسن رغبة وشهوة؟
    ـ لكن، قل لي. هكذا تركهم لوجه الله؟ سألته وقد جلسا يشربان شاي العصر، شأنهما شأن السادة الإنكليز في قصور بكنغهام.
    ـ لا، لا، بل مقابل وعود مبرمة ألا يهاجموا العراق، ألا يضربوه، وأن يحلوا الأزمة حلاً سليماً.
    ـ حقاً!؟ إذن، نطمئن!؟ لا قصف ولا ضرب؟
    ولم يجب عبد المحسن، الأولاد الثلاثة شغلوه وهم يلتفون حوله. الصغير تسلق كتفه محيطاً عنقه بذراعيه حتى كاد يقطع أنفاسه. البنت الكبرى تلتحم به من اليمين، البنت الصغرى من اليسار وكلهم سيل من الأسئلة، على محسن، الأب العارف بكل شيء، أن يجيب عليها.
    ـ نريد أن نذهب إلى السينما، أخيراً طلبت البنت الصغرى المدللة كثيراً لديه والناطقة عنده باسمهم.
    ـ معقول؟ احتجت الأم، أبوكم يأتي ليلة واحدة فتأخذونه إلى السينما؟ لا.. لا.. لا سينما...
    ـ بل سآخذهم!! رد عبد المحسن وهو ويشد ابنته بين ذراعيه موسعاً إياهم لثماً وتقبيلاً. حبيبتي تأمر، وهل أستطيع إلا أن ألبي أمر الحبيب؟ وهب الأولاد يرقصون فرحاً. الذهاب إلى السينما أمتع المتع لديهم، وهم، مذ بدأت الأزمة، لم يذهبوا إليها. أبوهم مسافر... بعيد، وأمهم لا تأخذهم إلى السينما. ذهبوا إلى الغرف الأخرى وهم يهزجون والصغير ينط عالياً ويمرح، جدياً لبِّيت رغباته كلها.
    ـ ناصر يسلم عليك، بادرته فاطمة فرحة لذكرى أخيها، وقد عادا وحيدين.
    ـ السلام على رسول الله!! اتصل إذن؟ أجاب عبد المحسن بمزيج من السرور والانكماش.
    ـ وتحدثنا نصف ساعة!! يا إلهي كم فرحت باتصاله!!
    ـ أرجو ألا تكوني قد نسيت الاحتياطات.. الحذر.
    ـ لا، بالطبع. أنا حذرة دائماً. أخاطبه بالرموز والإشارات دائماً. ردت فاطمة ثم توقفت متفحصة إياه مستأنفة: لكن قل لي. ألست موضع ثقة لديهم؟ أيراقبون هاتفك؟
    ـ وما المانع؟ هؤلاء، كما تعلمين، وأشار إشارة تعني التجسس، لا يثقون بأحد. البريء عندهم متهم حتى تثبت براءته.
    ـ يا إلهي!! لكنك في العب منهم، ضابط كبير في حرسهم الجمهوري!!
    ـ مع ذلك يجب اتخاذ جانب الحذر.
    ـ أنت تخاف منهم؟
    ـ ما من أحد لا يخاف. عيونهم عشرة على عشرة.. آذانهم أكثر بكثير من عشرة على عشرة. يمسكون البلد بقبضة من حديد، والمثل يقول لك: درهم وقاية خير من قنطار علاج.
    ـ بيدك حق، غمغمت مطرقة وقد عاودت مخاوف مقلقة. "هل زل لساني بشيء؟ إن كانوا يراقبون الهاتف، ألا أعرض عبد المحسن للخطر؟"
    كانت الساعة قد صارت الخامسة، وكانت سماء كانون الثاني ملبدة بالغيوم، ينتظر الناس منها المطر، لكن دون أن تنزل منها قطرة مطر.
    ـ جهزي الأولاد. برقة بالغة طلب من فاطمة التي يحب، ثم مضى يلبس ثيابه. خمسة عشر عاماً كانت قد مضت على رؤيته لها: برعماً تفتح، وصدراً نهد. كان قد جاء في إجازة من كليته، ولم تكن تعلم أنه في المنزل، هي التي جاءت على حين غرة. دخلت البيت تمازح أخته تداعبها... صبيتين ترقص البراءة على محياهما. سمع صوتها، ضحكتها، بل المداعبة التي داعبت بها أخته وفتنته. منذ تلك اللحظة فتنته، لكن كان عليه أن يتخرج من الكلية... كلية المدرعات. تخرج، فكان أول ما فعله أن طوق عنقها بعقد، وإصبعها بمحبس، كلاهما من ذهب.
    ـ جاهزون!! يا بابا!! جاهزون!! جاء الأولاد تباعاً يتراقصون فيما كان يربط عقدة العنق. كان الكل قد لبس أحسن حلله، ما عدا فاطمة فقد لبست على عجل، وكان حسبها أن تضع العباءة على أي شيء ترتديه، تلك العبادة التي تخفي كل عيب وتستر كل نقص. الكل فرحون يشدون بيدي أبيهم ويدفعونه. يهم بالخروج لكن قبل أن يصل إلى عتبة الباب، يرن الهاتف فينكمش شيء ما في صدر فاطمة.
    ـ نعم، رد المقدم في الحرس الجمهوري، بصوت كله جد وصرامة. لم تسمع فاطمة ما قاله الآخر على السلك، لكنها قرأته على جبين عبد المحسن، إذ سرعان ما بدأ يقطب حاجبيه. وسرعان ما بدأ قلبها يهبط من صدرها إلى الركبتين.
    ـ علي أن أغادر اللحظة!! بأسى وخيبة نقل لهم الخبر وهو يتجه إلى خزانة ثيابه.
    ـ لماذا؟
    ـ ماذا هناك؟
    ـ ألن تذهب إلى السينما؟
    راح الأولاد يصيحون وهم يجرون خلفه.
    ـ حقاً، ما الأمر؟ سألت فاطمة بدورها فلم يملك إلا أن ينقل لها الخبر
    ـ الغارات الجوية قد تبدأ الليلة، وعلي الالتحاق بالفاو في الحال.
    ***
    مثلما التحق محسن بوحدته بالأمر، التحق باقر بمعسكره دون أمر. لم يكن أحد قد اتصل به، ولا أحد أمره بالعودة. رغم ذلك عاد إلى الحاصباني، ملجئه الغائر في أعماق التلة يكتم الضوء والصوت. لم تكن تنتظره مهمات، ولم يكن ثمة عمل. فآلى على نفسه حين نام أن ينام حتى الضحى.
    كانت رحلته إلى عمان ثم بيروت قد استنفدت كثيراً من قواه، لياليه قلما شبع فيها نوماً، نهاراته قلما وجد فيها راحة. همام في بيروت يناقش ولا يشبع. مئات الأسئلة تشغل ذهنه. السياسة، الاجتماع، الاقتصاد، بل حتى الأدب يشغله وليس أحب على قلبه من أن يجادل أياً كان، فكيف إذا كان هذا الأي باقراً؟
    في عمان كانت لبانة ومشاغل أخرى، وكان يمضي الليل بطوله دون أن يرقد له جفن. لبانة أعجوبة من الأعاجيب، تتقن كجواري هارون الرشيد فن الإمتاع والمؤانسة. "كلهن جوار" قال أحدهم ذات يومٍ واستفزه ذلك أيما استفزاز. كان باقر حينذاك ما يزال في ميعة الصبا. كل شيء لديه مثالي. نظرته للحياة، للمجتمع كلها مثالية. ورغم أنهم كانوا يعلمونه المادية التاريخية والجدلية الديالكتيكية في الحزب، إلا أنه لم يكن يستطيع أن يرى في المرأة إلا الصورة المثلى التي تغزل بها جميل وشبب بها قيس. بعضهم كان يحدثه عن المتعة التي يمكن أن تعطيه إياها المرأة، عن ضرورة كسر العادات البالية العفنة، تجاوز مسائل كثيرة متوارثة عن الأسلاف المتخلفين، فتتحلل المرأة من كل ما يربطها بذلك الموروث البالي العفن، وتصبح كالرجل سواء بسواء، إلا أنه، هو باقر عبد الوهاب التنكجي لم يكن يقتنع. كان يرى بأم عينه أحياناً كيف تذهب الرفيقات مع الرفاق، كيف يمارسن حريتهن، يخلعن عن أنفسهن حتى جلودهن، لكنه، هو نفسه، لم يكن يرضى بذلك.
    الرفيقة في نظره مصونة، مقدسة، ينبغي ألا يمسها دنس ولا يلحق بها رجس. أليست الرفيقة أختاً في النضال؟ إذن كيف لا يصون أخته ويحافظ على شرفها ما استطاع؟
    ثم كانت هناك مهيجة. "آه يا مهجة الروح، يا حبة القلب!! كم حملت لك في حناياي من حب!؟ كم أضناني لك الشوق!! بكل ما أملك كنت أشتري نظرة من عينيك؟ بعمري كله كنت أقايض على ضمة من ذراعيك!! آه يا مهجة الروح يا حبة القلب!! ماذا جرى لك بعدي؟"
    كانت مهيجة تسكن الشارع الآخر من حي القشلة نفسه، أسرتها هي الأخرى كأسرة التنكجي، خلية من الرفاق المناضلين ممن يضحون بالغالي والرخيص في سبيل انتصار العمال والفلاحين، ولأنهم كانوا كذلك، كان الأبوان كثيراً ما يجتمعان، وكانا كثيراً ما يرسلان بينهما المراسيل، وكثيراً ما كان هؤلاء المراسيل، وكثيراً ما كان هؤلاء المراسيل باقراً ومهيجة. صغيرين كانا يلتقيان ثم يافعين فمراهقين. شيء ما بدا يشد واحدهما إلى الآخر: خيط عنكبوت في البداية، ضعيف واهٍ ربما لا تراه العين المجردة، لكن سرعان ما ثخن واشتد إلى أن أصبح حبلاً متيناً كحبال السفن.
    شيئاً فشيئاً بدأ النضال يحلو بمهيجة، الحزب كله يصبح ذا نكهة خاصة، ثم غدا أمتع ما يمتع باقراً أن يكلفه أبوه بمهمة إلى أبيها، أو يكلفها أبوها بمهمة إلى أبيه. كانا يلتقيان، يتبادلان النظرات، اللمسات، الأحاديث، الأفكار... لكنهما لم يتبادلا القبل. كان ينظر إليها نظرته إلى الطهر المقدس.
    كثيراً ما حاول أن يكتب فيها الشعر مقلداً قيساً وجميلاً، لكنه كان دائماً يخفق. يكتب شذرات من أبيات يقرأها ليمزقها ثم يذروها مع الريح.
    أحياناً كانا يذهبان إلى السينما.. إلى المتنزه، وفي ظلال خميلة أو عتمة سينما، كانت مهيجة تلتصق به، تتلمس يده، خده، بل ذات مساء تلمست شفتيه بأناملها أولاً ثم بشفتيها، وارتعش باقر رعشة هزته اهتزاز قصبة في مهب الريح. "آه يا مهيجة!! أتذكرين كم كنت دافئة تلك الليلة، كم كنت راغبة في العطاء!!"
    لكن نجواه انقطعت وقد دخل أبو الليل مسرعاً.
    ـ أما تزال نائماً؟ انهض... انهض.
    كان باقر قد أفاق، لكن دون أن يغادر فراشه، فبرد كانون والثلوج البيضاء على ظهر البيدر القريب كانا يدفعان به للالتحاق أكثر والانطلاق أكثر مع الماضي والذكريات، لكن أبا الليل هدر من جديد قاصفاً إياه بالخبر القنبلة.
    ـ بدأت الغارات الجوية على العراق!!
    وأجفل باقر هاباً ملء طوله:
    ـ ماذا تقول؟
    ـ الإذاعات هي التي تقول.
    ـ منذ متى؟
    ـ منذ منتصف الليل. فوهة الجحيم انفتحت على القوات العراقية في الكويت.
    ـ يستاهل صدام وقواته، رد باقر بحقده القديم الأزلي على صدام.
    ـ لكنهم يضربون البصرة، بغداد، الكويت، العمارة، مدن العراق وقراه، مزارعه ودساكره.
    ـ يا إلهي!! هتف باقر بكل ما يحمله من حب للبصرة وخوف على العراق. هذا ما كنت أخشاه!!
    وأسرعا كلاهما إلى راديو الترانزستور الصغير. سبق باقر أبا الليل. فتحه على صوت لندن فقرعت سمعه للتو دقات بيغ بن. أخذ سيجارة على عجل... أشعلها وهو ينتظر النشرة. نفث النفثة الأولى قبل أن تبدأ النشرة. مثله كان أبو الليل ينفث دخان سيجارة أشعلها من قبل، وحين بدأ المذيع الأخبار، صدمه الحقد الذي كان يشوب نبرته:
    ـ دكتاتور العراق يتلقى الدفعة الأولى على الحساب.
    ولم يملك باقر إلا أن يفتح عينيه على سعتهما ويفغر فاه. كان يسمع لكن دون أ ن يصدق ما يسمع. فالمفاوضات... الحل السلمي... الوعود بعدم قصف العراق، وحدها كانت تسود الجو في الأيام الأخيرة، حاملة الكثير من الطمأنينة للنفوس.
    ـ مجرمون!! سفاحون!! غدارون!! راح أبو الليل يقاطع أخبار لندن، وقد بدت أشبه بقاذفة لهب تصب نار حقدها على العرب جميعاً، لا على العراق فحسب.
    ـ بل هو المجرم.. السفاح. رد باقر كم قلت لك من قبل؟ يثق بهم ويتخلى عن درعه البشري، لماذا؟ أليست مؤامرة؟ أليست جريمة؟
    ـ قذائف المدفعية والصواريخ، جاء خبر لندن من جديد محملاً بالحقد والكراهية، تطلقها البوارج الحربية من مياه الخليج على مواقع الدكتاتور في البصرة.
    ـ لكن لماذا؟ صاح باقر صيحة ألم وهو يتصور البصرة تشتعل حرائق وتنهدم بيوتاً، تزعق نساء وتصرخ أطفالاً، فلم يملك إلا أن يضع يده على قلبه. باقر يستعيد في ذهنه صورة البصرة الجميلة التي بناها العرب أول ما بنوا في العراق، ميناء على مصب الشط في الخليج، لكن الخليج انحسر متراجعاً إلى الوراء.. مبتعداً عن البصرة مع ذلك ظلت البصرة منفذ العراق الوحيد إلى عالم البحار. ضفاف نهرها مزينة بالنخيل، تسبح فيه الزوارق والسفن، عليها تنتشر المقاهي والحدائق حيث الصبايا يعقدن حلقات، يرقصن فيها ويغنين. باقر يذكر البصرة التي تتيه فخاراً بشط العرب وقد التحم فيه الرافدان: دجلة والفرات، تظلل ضفافه أشجار التوت والصفصاف، النبق والبمبر... وتتفرع منه وإليه جداول صغيرة كثيرة تتوغل في أعماق البساتين. باقر يتذكر نهر العشار بكل ما فيه من عبّارات ومهيلات تنقل الناس وتحمل التمور. يتذكّر كورنيشه الواسع، حيث الفتية والفتيات يزحمون أرصفته في الأماسي، يتحدثون ويضحكون، يقصقصون البزر ويتغازلون. هو يتذكر جسر سورين، ساحة أسد آشور، مصرف الرافدين، اليانق العثماني بلوحته النحاسية التي أصدأتها الأيام والسنون، يتذكرون سوق الهنود بزحامه

      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-05-17, 12:47